معبد ارتميس بين الموروث الشعبي و المعلومة التاريخية
إقرأ المقال أسفل الصور مباشرة
هشام البناء _ جرش بين الماضي والحاضر
نفذت بعثة الترميم الإيطالية في جرش وبالتعاون مع دائرة الآثار الاردنية أعمال صيانة وقائية لمدخل معبد آرتميس، تتمثل بإغلاق الفجوة التي تم خرقها في بلاط المدخل ( البروناؤوس) منذ العصور الوسطى.
وأشار تقرير البعثة الإيطالية الى ان هذه الثغرة في بلاط مدخل معبد أرتميس قد تمت أثناء إعادة استخدام المبنى في العصور الوسطى للوصول إلى غرف مقببة مبنية في المنصة لدعم أرضيات المعبد والممرات ولتخزين قرابين المصلين..
و علل التقرير انه بسبب كثافة هطول الأمطار الغزيرة، أصبح الخرق يشكل تهديدًا خطيرًا لمبنى المعبد. حيث تتسرب مياه الأمطار وتتراكم داخل الأقبية تحت المنصة ، مما يؤدي إلى إضعاف حجارة الأقبية والجدران تدريجيًا.
و بين التقرير انه بالاتفاق مع دائرة الآثار الأردنية تم تنفيذ أعمال الصيانة اللازمة لحمايتها في شهر 11 / 2024 من خلال سد الثغرة بسماكة تعادل ارتفاع البلاط فقط، باستخدام صب الخرسانة البيضاء المخلوطة مع كتل الحجر الجيري. وتم تدعيمها بواسطة قضبان من الألياف الزجاجية. مع ترك الفجوة في سقف القبو بدون ترميم ليبقى مرئيًا من داخل الاقبية (الفافيسا) و شاهدا على أحداث حصلت هنا و كصفحة في التاريخ الطويل للمبنى. حيث استعاد المدخل (البروناوس) تصميمه الأصلي.
يقول د. يوسف زريقات مدير مركز دراسات العهد القديم المختص والباحث بالدراسات القديمة ان المراجع التاريخية أشارت إلى ان الحامية الإسلامية بقيادة القائد المملوكي طغكين عام 1115 قد قامت بخرق بلاط المعبد للوصول إلى الأقبية السفلى، كما قاموا بفتح باب بالجدار الجنوبي لنفس الغاية.
حيث كان يتعذر الدخول للأقبية بالطابق السفلي الا من خلال الدخول الى محراب الناووس و النزول بواسطة درج من كل جانب.
و بقيت هذه الحامية حتى قدوم القائد الفرنجي بولدوين الأول عام 1118 خلال الحروب الصليبية و الذي نصب المنجنيق من الجهة الغربية للمعبد فيما يعرف الان بمنطقة شمال ظهر السرو.، و قصف المبنى الذي إحتمى فيه المسلمون .
و يضيف زريقات انه و سبق أن حوصرت المدينة في عهد الامبراطور فيسباسيان الذي ارسل قائد جيوشه فلافيوس سيلفا لغزو مدن الديكابوليس، و بالذات المدن التي تمردت على روما بعد ثورة المكابيين، و حاصر مدينة جرش، و تمكن من اختراق تحصيناتها من الجهة ذاتها غرب المدينة. و انه ارتكب فيها مجازر وحشية و أسر شبابها الذين سخّرهم لحمل مستلزمات الجيش الروماني في طريقه الى القدس.
و بالموروث الشعبي لأهالي مدينة جرش، فقد كانوا يسمون هذا المبنى بمعبد الشمس و معبد الأعمدة المتحركة. و يذكرون انه استخدم لتخزين الثلج عند تساقطه بحيث يجمع و يضغط بمدقات داخل جرار الفخار و يخزن في أقبية المبنى لإستخدامه في فصل الصيف.
و ظلت الروايات الشعبية تشير إلى أن الدولة العثمانية استخدمت أقبية المعبد سجنا، و ان هذه الفتحة التي تم اغلاقها آخيرا ما هي الا للتهوية و إلقاء الطعام للمساجين _ حسب روايتهم.
و يرى عدنان مجلّي الرواشدة _ أحد متقاعدين دائرة الآثار الاردنية ان إغلاق هذه الفتحة يشكل خطأ كبيرا بحق المبنى و تاريخه، حيث انها تسمح بطرد الرطوبة الداخلية. و كان من الأفضل لو تم عزل اطرافها و منع دخول مياه الأمطار الى الأقبية منها . مع تركيب حاجز حشبي لحماية الزوار و ترك هذا الشاهد التاريخي على حالته.
و يضيف مجلي ان القائمين على أعمال الترميم ارتكبوا خطأ آخراً بتركيب بوابة مغلقة تحتوي شبكا حديديا على مدخل معبد آرتميس، الأمر الذي شكل تلوثا بصريا و بيئيا، و حرم الزائر من الدخول للمعبد من الداخل. خاصة و انهم نقلوا الحجارة المتساقطة داخل المبنى و تم اعادة تسوية ارضيته، و أصبحت آمنة للزوار.
يذكر أن مدينة جرش الآثرية تضم في اروقتها معبد زيوس (جوبيتر) الذي يمثل عند اليونان رب الأرباب جميعا و والدهم، و معبد آرتميس( ديانا) آلهة الصيد و حامية العذارى، و معبد باخوس (ادونيسيوس) آالهة الخمر واللهو، و مبنى للآله آريس إله الحرب و الغضب، و معبد سيناقاق يهودي، تحوّلت جميعها لإستخدامات أخرى بعد انتشار الديانة المسيحية و انتشار أكثر من 23 كنيسة. تبعها الفتح الإسلامي الذي لم يمنع اهلها من حرية الأديان حيث بقيت الكنائس حتى العهد الأموي الذي بنى في عهده أكبر مسجد في المنطقة بالساحة المحاذية للمصلبة الجنوبية و الذي يضم ثلاثة محارب في واجهة القبلة و ميضاء و اروقة و مرافق صحية و حمامات من الجهة الغربية للمسجد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق